الجمعة، 30 نوفمبر 2012

هنا دمشق



 " تحية لكل المغيبين قسرا عن العالم ...... تحية لجميع السوريين
في 2 تشرين الثاني عام 1956 عندما كان العدوان الثلاثي على مصر قامت الطائرات الفرنسية والبريطانية بتوجيه ضربات جوية على الأهداف المصرية ونجحت في تدمير هوائيات الإرسال للإذاعة المصرية شمال القاهرة فتوقفت الإذاعة المصرية عن الإرسال وهنا كانت المفاجأة الكبرى التي صعقت من أراد إسكات صوت القاهرة ، فقد انطلقت إذاعة دمشق على الفور بالنداء " من دمشق .... هنا القاهرة "
اليوم ينشر جميع السوريين الأحرار هذا الستاتوس تضامنا مع أقدم عاصمة في التاريخ عاصمة الأمويين والتي يظن سفاحيها أنهم باستطاعتهم عزلها عن العالم عبر قطع الإنترنت والاتصالات عنها ، فأراد السوريين في كل مكان أن يذكروا العالم أن دمشق تسكن في قلب كل واحد فينا في كل عاصمة وفي كل مدينة وفي كل زاوية ... "
بذلك البيان عبر السوريون أن صوتهم لا يمكن إسكاته ، صوتهم الحر ، صوت الكرامة والتاريخ ، صوت العزة والانتصار ، صوت الإنسانية والضمير الحي .
لقد جهد نظام الاحتلال الأسدي على إسكات هذا الصوت بكل ما أوتي من إمكانيات ومن إجرام لم يعهد له مثيل في التاريخ ، وباءت جميع محاولاته على مدى عامين بفشل ذريع رغم دعم العالم كله بدون استثناء لإجرامه وسكوته المريع على حرب إبادة جماعية لشعب صدح بالحرية والكرامة.
لقد علم هؤلاء أن انتصار الشعب السوري العظيم سيغير مجرى التاريخ وإلى الأبد ، بما قدم من تضحيات جسيمة من أجل حريته وإنسانيته ، ستلهم جميع أحرار العالم ، وستصبح تضحياتهم أيقونة إنسانية عظيمة تفوق جميع ما سبقها من حركات تحرر حدثت في العالم أو ستحدث لاحقا.
إن إيماني الكبير بهذا الشعب العظيم أعطاني يقينا بأن مستقبل أبنائي وأبناء سوريا سيكون مشرقاً وسيكون منارة لجميع الشعوب تستضيئ بعطائه.
عاشت سوريا حرة أبية
السوري الثائر

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

سوريا ........ والفوضى الخلاقة




لا يخفى على أحد أن مؤسس نظرية الفوضى الخلاقة ميكافيلي صاحب كتاب " الأمير " حيث جاء فيه  " الشجاعة تُنتج السلم  ، والسلم يُنتج الراحة ،والراحة يتبعها فوضى ، والفوضى تؤدي إلى الخراب ، ومن الفوضى ينشأ النظام  ، والنظام يقود إلى الشجاعة "
ولا ننسى كونديليزا رايس استخدمت هذا المصطلح للتدليل على منهجية سياسة الخارجية الأمريكية في التعامل مع منطقة الشرق الأوسط كمنطقة شديدة الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة ،كي تحقق أهدافها في ضمان تدفق النفط وضمان أمن الكيان الصهيوني والحرب على الإرهاب.
لقد حاول الكثير من المحللين أن يربطوا ما يحدث في العالم العربي من تحولات جذرية بأنها نتاج الفوضى الخلاقة التي تنتهجها الولايات المتحدة في إطار سعيها للهيمنة على العالم.
طبعا لا اتفق مع هذا التحليل لأنه بكل بساطة يلغي إرادة الشعوب العربية في التغيير والتطلع للحرية والكرامة والحياة الأفضل ، ولا أنكر سعي مختلف الدول الفاعلة على الساحة الدولية ركوب موجة الربيع العربي ومحاولة الاستفادة من مفاعيله وتحويلها لصالح تلك الدول ، وهذه هي السياسة بطبيعة الحال.
إن ما يحدث في سوريا الآن ممكن أن نصفه بمصطلح الفوضى الخلاقة وذلك لأن جميع الأوراق قد اختلطت ولا يوجد لاعب أساسي يحرك الأحجار لدرجة أن الأمور بدأت تفلت من أيدي اللاعبين الكبار ( روسيا وأمريكا ) وحتى المتفرجين بات يصيبهم نوع من الشك وعدم اليقين ، بل يمكن القول حالة من الفزع مما يمكن أن تؤول إليه الأمور ، ولم يعد من الممكن التحكم بشروط اللعبة ولا توجيه مسارها وأصبحت كلمة فوضى أقل ما يمكن أن يقال عن الوضع السوري المتأزم.
والسؤال المطروح هنا كيف يمكن لهذه الفوضى أن تكون خلاقة وكيف يستطيع الشعب السوري تحويلها لصالحه؟
إن كل متابع لهذا الشعب العظيم المبدع سيكتشف أن هذا الشعب ماض في ثورته حتى النهاية ، رغم كل الأسى والألم والتضحيات الجسيمة ، ورغم كل ما تعيشه سوريا اليوم من حالة فوضى كارثية ، تجد أن هذا الشعب الثائر يحول هذه الفوضى إلى إبداع متجدد رغم قلة الموارد.
الجميع يعمل بأقصى طاقته كي يحافظ على نقاء ونبل هذه الثورة المباركة ، فتجد أبطال الجيش الحر يطلقون ميثاق الشرف العسكري الثوري ، وترى الناشطين يتحركون من أجل الحفاظ على جذوة الثورة متقدة لتكون منارة يهتدى بها ، ونرى نخب المجتمع المدني يبثون رسائل التوعية الوطنية، وليس بعيداً عنهم ناشطي الإغاثة والمجتمع الأهلي يعملون بما يتوفر لديهم من موارد على شحتها وندرتها ولكنهم يبدعون في طريقة التعاطي مع هذا الوضع الصعب ، ولا ننسى المثقفين والكتاب والشعراء والفنانين الثوريين وناشطي الشبكة العنكبوتية ودورهم المهم في الدعم والنشر والحض على الفعل الإيجابي الخلاق رغم كل ما تمر به سوريا من فوضى ، حتى بات هذه الفوضى هي المحرض للإبداع لدى هؤلاء.
إن ما يحدث في سوريا هو فوضى ولكنها خلاقة، ومن بات يمسك بزمام الأمور فيها ليس المجتمع الدولي بل الشعب السوري الثائر بكافة فئاته هو من يقود المبادرة وسيخرج منتصراً فارضاً أجندته الوطنية على جميع القوى التي تحاول التلاعب بمقدراته وبمصيره.

عاشت سوريا حرة أبية

السوري الثائر  

الخميس، 25 أكتوبر 2012

تمرد أم ثورة !!




تكلم الكثير عن هدنة مفترضة في أول أيام عيد الأضحى وتعالت الأصوات من جميع الأطراف من أجل إقرارها ومن ثم مباركتها والتأكيد على الالتزام بها ، وأثارت هذه الهدنة المفترضة الكثير من الجدل والحوار في الإعلام والفضائيات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وفي أروقة السياسة الخلفية والعلنية ، كل هذه الجلبة من أجل هدنة خلبيه الجميع يعرف بأنها مجرد أوهام أو أضغاث أحلام لا تسمن ولا تغني من جوع إلا الذين يعيشون في أوحال الوهم المدقع.
عن ما ذا تتكلمون ؟!!!
أم أنكم نسيتم ما انتم فاعلون ؟!!!
إلى أين تذهبون ؟!!!!
أم أنكم أضعتم طريقكم المحتوم ؟!!!
هل ما يحدث في سوريا هو تمرد مسلح كي نتكلم عن هدنة ، ونرتجيها ، ونتفاوض عليها ، ونستجديها.؟
هل تأجيل القتل أربعة أيام أصبح غايتنا ومرادنا ؟؟
هل يوجد أنصاف حلول في الثورات ؟؟
ألا تعرفون أن الهدنة تحدث بين طرفين متقاتلين ؟؟
ألا تفهمون أن الهدنة تقر بوجود طرفين ؟؟
منذ متى تعترف الثورات بشرعية من تثور عليه ؟
ماذا قدمت لنا الهدنة ، سوى ما أراده لنا أعدائنا من الوقوع في شراك فخاخه الدولية .
أين السياسيون من شرح هذه الأمور للعامة والخاصة والمثقفين والثوريين ؟
إن هدنة كهذه وضعتنا جميعا موضعاً لا نحسد عليه ، وأفقدت الثورة شرعيتها ، وأثبتت أنها مجرد تمرد مسلح على حكومة شرعية تحظى بقبول دولي وإقليمي وعربي .
لا للهدنة ، لأنها تؤدي للاعتراف بشرعية المجرمين والقتلة والسفاحين .
لا للهدنة ، لأنها مجرد فخ دولي لتجريدنا من شرعيتنا القانونية الدولية .
لا للهدنة ، لأنها لا تعطي الثورة الأحقية والمبادرة والشرعية.
لعل البعض يقول كفنا سفكاً للدماء ولنسترح قليلاً ، ومن ثم نتابع ثورتنا ....
أقول لهؤلاء .........إن الثورة لا تأخذ استراحة محارب ..........إن الثورة مستمرة حتى النصر
لا تراجع ولا استسلام حتى إسقاط النظام
والجميع يعرف أن هذه العصابة لا تلتزم بعهد ولا وعد ، فعلى ماذا تفرحون ؟؟
إن الوقوع في مثل هذا الفخ يؤشر ويدل على قصور سياسي كبير، وفقدان للقيادة ، وضياع البوصلة ، وتشتت القوى الثورية ، وعدم فهم الأهداف بشكل صحيح ، فقد وقعنا الآن في فخ البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 للاتفاقيات جنيف لعام 1949 ، الذي يعتبر أن النزاعات المسلحة غير الدولية ، هي شأن داخلي محض يجب عدم استخدام التدخل الإنساني فيه مطية لتدخل دولي في شؤون دولة مستقلة، وهذا ما يثلج قلب روسيا وايران ومن لف لفهما.
هنا وجب التنبه والاستيقاظ ، وأصبح واجب علينا أن نشد الصفوف ونشحذ الهمم ،وأن نصيغ الأهداف ،ونحدد الطريق كي نسير جميعا باتجاه واحد موحد ، نوحد قوانا ونجمع أشتاتنا ، كي تنتصر ثورتنا بأسرع وقت ،ونحقن دماء عبنا العظيم المعطاء الذي لم يبخل بدمه من أجل عزته وكرامته ، فعلينا أن لا نخذله وأن لا نبيع قضيته ، بل أن نقف أمامه وقيادته نحو غد مشرق.
أعرف تماما ما يعانيه شعبنا من آلام وما يقدمه من تضحيات جسيمة ، ولكننا لا نريد أن تذهب هذه التضحيات سدى أمام لعبة الأمم المتحدة ، وما النصر إلا صبر ساعة ، والنصر قريب بإذن الله.
عاشت سوريا حرة أبية
السوري الثائر

الخميس، 11 أكتوبر 2012

الجيش السوري الأسدي ............ جيش الشيطان




عرفت البشرية الكثير من الجيوش الشيطانية عبر تاريخها الدموي الطويل ، ولكنها باتت اليوم تتعرف إلى أكثرها دموية وإجراماً ليس بحق الأعداء المفترضين ، بل بحق أبناء الوطن والذي من المفترض أن تحميهم من أعدائهم ،فكانوا أكثر شناعةً وأشد فتكاً وضراوة وسفكاً وتدميراً من أعتى جيوش العالم قاطبة.
قرأنا في التاريخ القديم والحديث عن جيوش التتار والمغول والنازيين والفاشيين والصهاينة ، وتعرفنا على المجازر الفظيعة المروعة التي ارتكبوها بحق أعدائهم ، ولكننا لم نقرأ أبداً عن جيش يسفك دم شعبه بطريقة همجية وحشية لا يمكن تصورها ولا يمكن تخيلها لأنها لا تدخل العقل ولا يقبلها منطق.
نعم ، هذا هو الجيش السوري الأسدي الذي فاق كل وصف من أوصاف الإجرام ،ليس بحق البشر فحسب ، بل تعداه لكل نواحي الحضارة من نبات وحيوان وحجر .
إن تركيبة هذا الجيش الأسدي يمكن تفسر بعض الشيء طريقة تصرف هذه العصابة المافيوية المبنية على الولاءات والمحسوبيات والتركيبات الطائفية القذرة.
لقد عرف الشعب السوري منذ زمن بعيد ،ومنذ عهد المقبور حافظ ، الذي مهد الطريق لتدمير الجيش السوري الوطني ليجعل منه جيشاً مافيوياً يخدم مصالحه الشخصية ، ويثبته على كرسي السلطة ، مقابل إطلاق يدهم في العباد والبلاد ليعيثوا فساداً في الأرض دون حسيب أو رقيب.

 فلا يوجد بيت من بيوت السوريين لم يكتوي بنار فساد هذا الجيش وعربدته وسقوطه الأخلاقي ، حتى بات يعرف بعبارة أصبحت دارجة بين السوريين بأنه " جيش أبو شحاطة " كناية عن غرق هذا الجيش بالفساد والفسق لدرجة أنه لم يعد جاهزاً نفسياً أو معنوياً ولا حتى قتالياً ، بمعنى آخر هو جيش مقهور غارق في الملذات منتهي أخلاقياً ، بكل المعاني ، حتى وصل هذا الانحراف لزوجات الضباط السوريين وأبنائهم وبناتهم ، والجميع في سوريا يعرف تماماً عن ماذا أتحدث.
وبهذا المعنى فقد الجيش السوري الأسدي مصداقيته كجيش هدفه الدفاع عن الوطن ، وأصبح مدار تندر بين السوريين في سهراتهم وجمعاتهم.
في بداية الثورة السورية انخرط الجيش الأسدي ،عكس جميع جيوش العالم ، في مواجهة شعبه لكبح جماحه و كسر تمرده على أسياده ، كي يحافظ على مكتسباته التي دئب على جمعها على مدى أكثر من أربعين عاماً ، بالرغم من فتات الفتات الذي كان يرميه لهم سيدهم ومولاهم الأب والابن من بعده.
لم يكن من المتوقع أن يسلك الجيش سلوكاً مختلفا عن الذي سلكه في بدايات الانتفاضة السورية المباركة ، وبمساندة رجال الأمن وميليشيات الشبيحة وبعض المرتزقة الإيرانيين واللبنانيين ، ولكن الانتفاضة توسعت وشكلت ثورة شعبية عارمة انتشرت في كافة أرجاء المدن السورية ، مما دفع هذا الجيش الأسدي إلى أن ينفلت من عقاله ويوجه أسلحته ودباباته ومدرعاته ومجنزراته وحمم طائراته إلى صدور أبناء شعبه الثائر من أجل حريته المنتفض لعزته وكرامته.
أمام هذا الإجرام الرهيب لم يستطع من بقي فيه ذرة من ضمير أو شرف أو إنسانية ،أن يحتمل هذا الظلم والقهر وسفك دماء الأبرياء ،ومنهم الأطفال والنساء والشيوخ والشباب العزل ، الذين خرجوا يطالبون بحقوقهم آملين أن يعاملوا كمواطنين في بلدهم ،لا أن يعاملوا كالأقنان والعبيد الذين يعملون في مزرعة يملكها آل الأسد ومخلوف وشاليش .
هؤلاء المنشقين الأوائل هم قلة للأسف ، وهذا طبيعي في جيش شيطاني بنيت عقيدته على النهب والسلب والفساد والإفساد والعربدة والعهر ونصرة الظالم على المظلوم وصم الأذن عن الحق بل التفنن بوسائل التدمير والقتل وسفك الدماء.
كل هذا ومازال الجيش الشيطاني الأسدي يستمر بعملياته العسكرية ضد الشعب السوري البطل ، الذي حرم نفسه من لقمة عيشه على مدى عقود طويلة من أجل تأمين تلك المعدات العسكرية والطائرات كي تحميه من أعدائه ، ولم يكن في بال السوريين أن عدوهم يقيم بين ظهرانيهم.
لقد عرف السوريين اليوم أعدائهم ،لذلك أطلق على هذه الثورة أسماء كثيرة ،منها الثورة الكاشفة ، لأنها أسقطت الأقنعة عن الكثيرين، وأصبح لسان حالهم يقول كما قال شاعر فلسطين من قبل :

سقط القناع عن القناع..قد أخسر الدنيا.. نعم
لكني أقول الآن...... لا..إلى آخر الطلقات..... لا
إلى ماتبقى من هواء الأرض .....لا ماتبقى من حطام الروح .......لا
حاصر حصارك لا مفر ... اضرب عدوك لا مفر
فأنت الآن..حرٌّ.. وحرٌّ.. وحرٌّ
قتلاك أو جرحاك...... فيك ذخيرة
فاضرب بها
عدوك.فأنت الآن..حرٌّ.. وحرٌّ.. وحرٌّ
حاصر حصارك
بالجنود و بالجنون
ذهب اللذين تحبهم
آه... ذهبوا
فإما ان تكون...أن تكون... ان تكون.....او لا تــــــــــكــــــــون
فأنت الآن..حرٌّ.. وحرٌّ.. وحرٌّ
نعم لقد أصبحت الآن معركة السوريين مع جيش الشيطان ، فإما أن تكون أولا تكون فانت الآن حر وحر وحر ....
عاشت سوريا حرة أبية
 السوري الثائر

السبت، 6 أكتوبر 2012

مجزرة قدسيا ............ باب من أبواب النصر




لم يتبق سوى ثلاث عائلات في المبنى الذي ترعرعت فيه وعشت أيام طفولتي وحيداً منعزلاً عن أقراني ، فقد كنت وحيد لأمي التي لم تنجب غيري ، فكانت تخاف علي من نسمة هواء قد تصيبني ، كان والدي قد تربى في حي القنوات الدمشقي وعاش فيه ، فلم تطب نفسه أن ينتقل إلى حي يقع على أطراف دمشق ،مما زاد عزلته وانطوائه ولم يحاول يوماً أن يتعرف على أحد من جيراننا.
 كل ذلك اختلف بعد اندلاع ثورة العزة والكرامة، فقد كنت في السادسة عشر من عمري عندما سمعنا عن استشهاد شقيق جارنا بعد أن توفي تحت التعذيب على يد عصابات الأسد المجرمة ، حينها قرر والدي أن يقوم بواجب العزاء ووقوفه إلى جانب جيرانه في أزمتهم.
لأول مرة رأيت التعاطف والتكافل والتلاحم فيما بينهم ، لقد وحدهم المصير والهدف ،على الرغم من المحاولات الحثيثة من قبل النظام الغاشم لكسر الوحدة الوطنية على مدى عقود طويلة كي يسهل عليه السيطرة على مقدرات الوطن وأن يحوله إلى مزرعة يعمل المواطنون فيها كأقنان ليس لهم فيها حتى حق الحياة والعيش الكريم.
توالت الأحداث، وجاء اليوم المشؤوم بتاريخ الخامس من تشرين الأول من عام 2012 عندما اقتحمت عصابات الأسد حي قدسيا بكامل عتادها وعديدها من مرتبات الحرس الجمهوري فعاثوا فساداً وقتلاً وتدميراً.
كانت أصوات القذائف تنهال علينا كصوت الرعد المفزع، وكنا جميعا قابعين في ذلك القبو المظلم الذي تفوح منه رائحة العفن النتنة ننتظر مصيرنا المحتوم.
 لقد شاهدت الخوف في عيون الأطفال واشتممت رائحة الرعب تملئ قلوبهم ، طوال يومين متتاليين لم نأكل سوى الخبز اليابس ولم نشرب سوى الماء الأسن.
فجأة توقفت القذائف عن التدمير ، وساد صمت رهيب يقطع الأنفاس.
سمعنا أصوات أقدامهم تقترب منا شيئاً فشيئاً ، حبسنا أنفاسنا ، وانتفخت عروقنا ، كنت اسمع صوت أمي تتمتم بآيات من القرآن الكريم ، وأرى جارنا يحتضن أطفاله كأنه لم يرهم منذ زمن طويل ، وشاهدت آمنة ابنة الجيران تمسح بيديها على رأس أخيها كي تخفف من هلعه.
لم يدم الصمت طويلاً ، فقد اقتحم ثلاثة من جنود الأسد وأحدهم كان برتبة نقيب باب القبو وحطموه بأقدامهم ، ولقد كانت رائحة الموت تنبعث منهم...
صرخوا فينا أن نقف جميعا ووجهنا إلى الحائط ...
لم تشفع صرخات الأطفال ......لم تشفع آهات الأمهات .....لم يشفع بكاء الرجال....في رد وحشيتهم القذرة
انهالوا علينا بالضرب الشديد بكعب بنادقهم دون أي سبب.
ثم تعالت ضحكاتهم وصدى أصواتها في ذلك القبو اللعين كأنها ضحكات شياطين انطلقت من غياهب جهنم.
اقترب أحدهم من آمنة وسحبها من يديها ... قال كبيرهم خذوها ...تعالت صرخات النساء .....بكى الأطفال ........ارتمت أم آمنة على أقدامهم تتوسلهم أن يأخذوها بدلاً عنها ..... قام أبوها بتقبيل أرجلهم وأيديهم وتوسل إليهم أن يخلو سبيل ابنته ..... فجائه الجواب سريعا مجلجلاً :
سنعلمكم كيف تتمردون على أسيادكم يا أنجاس.... سنعيدكم إلى الحظيرة يا خنازير...
أرجوكم سأفعل أي شيء تريدون .......... سأكون عبد عندكم ......... سأنفذ أي طلب تريدون ...... فقط اتركوا ابنتي.
صرخ أحدهم في وجهه ........... اخرس وإلا اغتصبناها أمام عينيك.
حاولت الالتفات كي أتكلم ، نظرت إلى أمي ، ورأيت عيناها الممتلئتان بالدموع تتوسلان لي أن لا أتكلم ، لقد شعرت بغصة كبيرة ولم يخرج مني الكلام.
شعرت بجرح كبير .... كادت أحشائي أن تتمزق من شدة الألم ..كان قلبي يعتصر من الحزن ...كاد عقلي ينفجر من الغضب ...وكادت روحي تتلاشى من العجز...
نظرت إلى آمنة ...... فوجدت في عينيها التحدي .... كانت صلبة ......قوية ....... دموعها تنهمر على خديها بصمت غريب.
لم تنهار ........لم تنحني .........لم تتوسل أحداً ......
نظرت إلى والدها نظرة مودع وهو مرتمي بين أقدامهم......
كانت نظرة عظيمة ..... تقول فيها الكثير....
يا أبي  ....لا تحزن......... ما أنا إلا شمعة تضيء ما تبقى من نفق الحرية
يا أبي  ....لا تحزن........ فلا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر ولا بد للظلم أن ينتهي .
ثم نظرت إلي وأومأت برأسها .... لقد تعلمت الكثير من نظرتها تلك ... ولن أنساها ما حييت
تعلمت العزيمة .... تعلمت الإخلاص.....تعلمت الصبر.... تعلمت التفاني .... تعلمت الإيثار ....تعلمت الإقدام ....... تعلمت الشجاعة
في تللك اللحظة ..........ولدت من جديد
اختفت آمنة ..... واختفى معها أصوات الشياطين
تاركين ورائهم عائلة مكلومة....وبيوتاً مدمرة..... وجثث متفحمة ....وإرادة لا تكسر
أمسكت بيد أمي ... نظرت إلي ....رأت في عيني بريقاً مختلفا ....لم ترى براءة الطفولة كما تعودت أن ترها في عينيي دائما ....لقد رأت بريقا وتحدي وعنفوان.
قلت لها : سأذهب يا أماه لأقوم بما يجب أن أقوم به
نظرت إلي والدمعة تسيل على خدها وبسمة خفيفة على وجهها
اذهب يا بني .... اذهب ودافع عن شرفك وشرف أهلك وشرف وطنك
اذهب وافتح باباً من أبواب النصر
وإن لم تعد فسأعرف أنك قمت بواجبك ، وسأكون فخورة بك وسأعرف بأنك تنتظرني كي أوافيك ......ولن يطول انتظارك.
تقدمت خطوات باتجاه النور المتدفق باتجاهي ....وشعرت بأنني أتقدم نحو غد مشرق نحو غد يعيد لنا عزتنا وكرامتنا المهدورة عبر عقود طويلة من الزمن.

عاشت سوريا حرة أبية
السوري الثائر

الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

إضعاف سوريا.............يضعف الجميع





جميع المؤشرات والمعطيات والحقائق على الأرض في سوريا منذ اندلاع الثورة السورية المباركة وحتى تاريخ كتابة هذا المقال تشير إلى أنه هناك تآمر ممنهج  ، من جميع الأطراف المعنية والمشاركة والداعمة والمتفرجة  ، بهدف تدمير سوريا ، التاريخ ، الحضارة ، الإنسان ، الدولة.
ولكن لماذا سوريا ؟؟!!!!
لقد أثبت تاريخ سوريا أنها مهد الحضارات القديمة ومهد الأبجدية الأولى ومهد الديانات ،مما جعلها موضع أطماع جميع الأمم والحضارات الأخرى ، فسوريا بموقعها الجغرافي والحضاري على الخريطة العالمية كانت وما تزال مسرحاً للأحداث السياسية والعسكرية على مدى آلاف السنين.
ولكن التاريخ أثبت أيضاً بأن سوريا ضعيفة سوف تضعف جميع من يحاول إضعافها أو من يشارك أو من يمول أو حتى من يقف مكتوف الأيدي.
إن السياسة الممنهجة من قبل جميع الأطراف لضرب سوريا وتدمير بنيتها الاقتصادية والسياسية وتدمير النسيج الاجتماعي لأبنائها ، ستعود بالوبال الشديد على من يقوم بذلك.
قد يبدو للوهلة الأولى أن تدمير سوريا سيريح جميع الأطراف من هذا العبء الحضاري العظيم ، فهذه الأطراف قد تبدو متنافرة أحيانا أو متحالفة مع بعضها أحيانا أخرى ،وذلك حسب السياق التاريخي الموجودة فيه ، ولكننا نجد أن نظرتهم متوافقة لما يجري الآن في الداخل السوري .
أما بالنسبة للأعداء التاريخين لسوريا المعاصرة ( الكيان الصهيوني ) ستكون سوريا غير قادرة على المواجهة بعد تدميرها بالكامل بأيدي أبنائها.
وبالنسبة للقوى الغربية ، فسوريا " ضعيفة  " أقل إزعاجا لهم من سوريا قوية متماسكة.
وبالنسبة لقوى الشرق الصاعدة ، فسوريا هي ساحة صراع لإثبات وجودهم وبالتالي لابأس أن تتدمر ساحة الصراع فهي بالنهاية ورقة لعب مع القوى الغربية.
وبالنسبة للمحيط الإقليمي فمنهم من يحلم باستعادة إرثه التاريخي على أرض سوريا والسيطرة على موقعها الاستراتيجي واستخدامها كورقة تفاوض مع القوى الغربية.
ومنهم من يخاف على سلطته من وجود " سوريا قوية  " قد تزلزل عروشهم .
ومنهم من هو مرتهن بأيد هؤلاء أو هؤلاء ، لا قدرة له سوى السمع والطاعة .
فهل ما يحدث الآن لسوريا يحقق أمنيات جميع هؤلاء !!!
هل فعلا إضعاف سوريا سيعود بالمصلحة والفائدة على جميع هذه الأطراف المتنازعة المتحالفة؟
إن أي باحث استراتيجي مهني متمرس سيدرك بالتأكيد أن سوريا ضعيفة ...ستضعف الجميع.
وهذا ما أثبتته الحقائق التاريخية وهذا ما سيثبته استقراء وتحليل مجريات ما يحدث الآن على أرض سوريا.
سوريا ضعيفة ... هي بؤر مستقبلية للتطرف بجميع أشكاله
سوريا ضعيفة... غير قادرة على صياغة تفاهمات وتحالفات إقليمية ، والتي سيحتاجها جميع الأطراف في المستقبل بحكم موقعها المهم في العالم.
سوريا ضعيفة... ستكون عامل لعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط .
سوريا ضعيفة ... ستخلق فوضى سيدوم أثرها عقود وعقود من الزمن ولن يسلم أحد من شذراتها.
سوريا ضعيفة ... ستكون مثالاً يحتذى ومرتعا يقصد لجميع التناقضات الغير مرغوبة.
سوريا ضعيفة ... ستخلق صراعات حضارية متأججة سيتخطى أثرها البحار والمحيطات .
سوريا ضعيفة ستضعف الجميع .... أوربا ، أمريكا ، العرب ، تركيا ، ايران ، روسيا والصين ، وحتى الكيان الصهيوني لن يسلم من تبعات إضعاف سوريا.
وبالمقابل ، سوريا قوية ستكون مفيدة للجميع بدون استثناء ، لأنها ستكون قادرة على استعادة المبادرة والاستفادة الفعالة من موقعها الجيوسياسي بما يخدم مصالحها التي ستكون على الدوام تخدم مصالح جميع الأطراف بشكل أو بآخر وهذا ما أثبتته مجريات التاريخ القريب والبعيد.
فهل يدرك صناع القرار في العالم هذه المفارقة التاريخية ، ويبدؤوا بالتفكير بشكل استراتيجي ؟؟!!!!!

عاشت سوريا حرة أبية
السوري الثائر