الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

قناة العهر .....والرقص على الجراح




لم يغب عني أبداً منظر قناة العهر والدناءة وهي ترقص على جثث أهلي وأبناء وطني ، تتسكع بين أجسادهم الطاهرة ، تنكأ جراحهم وتمثل بأجسادهم ، وتبتز من بقي فيه بضع نفس أو روح .
منظر رهيب لم يجرأ أحد في العالم أجمع أن يفعله لشناعته ، ولا حتى مجازر البوسنة والهرسك ولا حتى مجازر غروزني ، حتى المغول كانوا يدفنوا من يمثلون به ولا يتفاخرون بمجازرهم.
من هؤلاء بربكم ؟؟؟
أهم بشر حقيقيون !!!!
لا تقولوا أنهم شياطين بأجساد بشرية ، لأن ابليس نفسه أعلن براءته من أفعالهم.

بات عمل قنوات الفتنة والعهر والدناءة كمصاص دماء لا يرتوي من دماء ضحاياه فأصبح يقول : هل من مزيد ..... هل من مزيد؟؟؟
شاهدنا هذه الفظائع على شاشات قنوات الفتنة من الفضائية السورية وشقيقاتها الإخبارية وقناة العهر التي يمولها رجال الفساد السوري .
من سيشفع لهم بعد هذه الجرائم المتكررة ، من سيغفر لهم مشاركتهم في هذه المذابح اليومية!!!!
لن أنشر أسمائهم اليوم كي لا يعتبر ذلك تحريضاً على محاسبتهم ، ولكن أسمائهم باتت معلومة للجميع ولا تخفى على أحد.

لم يعد من المقبول أبداً اليوم الوقوف على الحياد ، فالحياد اليوم يعني بالضرورة الاشتراك في الجريمة ، إن الساكت اليوم ليس شيطاناً أخرس ، بل هو مجرم خطير وبنفس درجة السفاح الذي يغرس خنجره في رقاب أبناء سوريا الجريحة.
إن الساكتين والرماديين والخائفين والمترددين والأذلاء والعبيد هم شركاء اليوم في تدمير النسيج الوطني السوري.
هذا النسيج الذي بقي منه خيط رفيع اليوم لم ينقطع بعد هو الأمل الوحيد في بقاء سوريا وطن لكل السوريين.
ولكن انقطاع هذا الخيط الرفيع هو مسؤولية هؤلاء العبيد الخانعين المتقوقعين الأذلاء ، والذين سيدفعون ثمن جبنهم وغبائهم هم قبل غيرهم ، لأنهم سيكونون الحلقة الأضعف في المرحلة القادمة.
إن المرحلة القادمة بعد كل هذه المجازر ستكون صعبة جداً على جميع السوريين ، وتحتاج إلى حكمة العظماء وصبر الحكماء وجلد الرجال وخلق الأبطال.

عاشت سوريا حرة أبية
السوري الثائر

الخميس، 23 أغسطس 2012

العلمانيين ...........وأزمة الانتماء




منذ فجر النهضة العربية برزت إشكالية التمايز بين ما هو علماني وما هو غير ذلك ، فلسنا هنا لنتهم العلمانيين بالتنكر للأصالة والتراث والتقليد الأعمى للغرب وبالتحلل الأخلاقي والفكري وبالتوجه للمادية الاقتصادية وبث الأفكار الإباحية  والطواف حول الجسد وتلبية نداء الغرائز حتى الوصول لعبادتها.
ولسنا هنا أيضا للرد على اتهامات العلمانيين للآخرين بانغلاق العقل والانكفاء على الماضي واجتراره من غير تفكير ،واختزال التاريخ بأشخاص وأخيلة وأساطير واحتكار المعرفة والحقيقة مبنية على ماض غابر بما يحمل معه من تحجر وتكلس في الفكر وعدم ارتقاء في العلم والإبداع.
لقد بدأ استخدام مصطلح سكيولار Secular بعد نهاية حرب الثلاثين عاما عام 1648 عند ظهور الدولة القومية الحديثة وكان هذا المصطلح محدود الدلالة وكان يشير إلى " علمنة " ممتلكات الكنيسة ونقلها إلى سلطات غير دينية ( سلطة الدولة)
ثم تطور المصطلح ليشير إلى الملحدين أو اللاقدريين ، وحاول جون هوليوك (1906) أن يبعد العلمانية عن هذا الوصف فقام بتعريفها بأنها " الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية دون التصدي لقضية الإيمان سواء بالقبول أو الرفض) ولازال هذا التعريف ساريا في الخطاب السياسي والاجتماعي حتى يومنا هذا ،رغم صدور الكثير من التعريفات الحديثة المعاصرة.
هنا برزت إشكالية الانتماء لدى العلمانيين العرب ، فما هي المنظومة المعرفية المعتمدة في " إصلاح حال الإنسان " ؟!!
هنا بات العلماني يعيش أزمة مع نفسه أمام ما هو مادي بحت ،وما بين القيم والمعرفة التراكمية المجتمعية التي تعايش فيها ، فأصبح يضع نفسه أمام خيارين ، إما أن يكون إنسانا ماديا بحتاً حتى يستطيع أن يحقق مبادئ علمانيته ، أو أن يستند إلى قيمه المعرفية المجتمعية وهنا يجد نفسه قد خرج عن علمانيته.
من هنا نجد أن العلمانية ليست محايدة كما ادعت بأنها لا تتصدى لقضية الإيمان سواء بالقبول أو الرفض لأنها لم تشر إلى مصدر  " إصلاح حال الإنسان بالطرق المادية " بشكل واضح وتركت الإنسان يعيش صراعاً داخلياً مع نفسه حول مشروعية هذه المنظومة الفكرية والمعرفية والتي قد تؤدي به إلى الرداليكية من خلال تقديس المادة، وهنا يبتعد عن العلمانية كمبدأ يحيد الإيمان في هدف إصلاح الإنسان.
أدرك العلمانيون هذه المشكلة فحولوا العلمانية من هدف إصلاح الفرد إلى هدف أعم وأشمل حتى يخففوا منها ويبعدوا الجدل والنقاش عن جوهر الخلل فيها ، فطالبوا بما يسمى علمانية الدولة ، وقد ظهر هذا المصطلح للمرة الأولى في إنكلترا حيث طالب بعض البرلمانيون  " بفصل مؤسسات الكنيسة عن المؤسسات السياسية (الدولة) "
ورغم ذلك ظل العلمانيون يعانون أزمة انتماء لأن هذا التعريف هو تعريف شامل لا يعالج الدائرة الضيقة لكل فرد يحاول أن يكون علمانيا بذاته دون أن يعيش هذا التناقض الداخلي بنفسه ، وبرزت هذه المشكلة بشكل أكبر لدى العلمانيين العرب أكثر منهم في الغرب ،بسبب التراكم المعرفي والحضاري الموروث في مجتمعاتهم.
حاول العلماني العربي أدلجت نفسه حتى يستطيع أن يتخلص من أزمة الانتماء التي يعاني منها ، فاتجه بعضهم للقومية واختار آخرون الشيوعية ومنهم من حاول أن ينتهج الرأسمالية الغربية فكرا أو الاشتراكية منهجاً ، ومع هذا استمرت أزمتهم حتى حرفت بعضهم عن مبادئ العلمانية الأساسية ليتحولوا إلى متطرفين لأيديولوجياتهم المختارة.
بالطبع كل ذلك لم يعالج أصل المشكلة لدى العلمانيين العرب الذين لم يستطيعوا أن ينسجموا مع نموذج المجتمع الغربي العلماني المعاصر ،ولم يستطيعوا فرضه على مجتمعاتهم حيث بائت جميع محاولاتهم بالفشل مما سمح المجال للآخرين  بتجرية نماذجهم بغياب رؤية استراتيجية واضحة وشفافة يمكن أن توقعهم بنفس الأخطاء التي ارتكبها غيرهم.
لقد حاول العلمانيون العرب ربط العلمانية كنموذج عصري غربي بالحضارة الغربية باعتباره النموذج الحضاري الملائم لكل البشر معتمدين بذلك على نجاح الحضارة الغربية الحديثة بتحقيق الرفاه لمواطنيها ، متغاضين عن جميع الآثار السلبية التي خلفتها تلك الحضارة على حياة الإنسان ومتجاهلين خصوصية مجتمعاتهم الشرقية التي ينتمون إليها ، وربط بعضهم هذا المفهوم بالقومية العربية كي يعزز موقعه ويدغدغ المشاعر الإثنية لأغلب شعوب المنطقة العربية مدمرين بذلك التنوع الكبير التي تذخر به منطقتنا.
 إن اختلاط المفاهيم لدى العلمانيين أدى إلى ضياع هويتهم ، فترى هنغتون يتحدث في كتابه " صراع الحضارات" عن المصطلحات الخاصة بالمجتمع الغربي الحديث من مثل : الفردية ، الليبرالية ، المساواة ، الحرية ، الديمقراطية ، ومن ثم يضيف إليها العلمانية ( أي فصل الدين عن الدولة ) ، أي أن العلمانية لم تعد النظرة الإنسانية الشمولية  للكون ، في مكونات الحضارة الغربية .
كتب أحد العلمانيين العرب قصيدة يوماً قال فيها  :
العالم في قلبي مات
لكن حين يكف المذياع وتغلق الحجيرات
أخرجه من قلبي وأسجيه فوق سريري
أسقيه نبيذ الرغبة
فلعل الدفء يعود إلى الأطراف الباردة الصلبة
لكن تفتتت بشرته في كفي
لم يتبقى منه سوى جمجمة وعظام!
....وأنام
هذا ما يشعر به العلماني العربي اليوم ، هو نوم أقرب للموت ، نوم منفصل عن الواقع ، نوم يحاول الوصول جاهدا ً إلى الحياد ، يسحب منه الإله وينزع منه القداسة ، ويبعث الإنسان في عالم متبعثر الذرات ، عالم خال من القيم الإنسانية الموروثة.
عاشت سوريا حرة أبية  ، بكل أطيافها.

السوري الثائر

الثلاثاء، 21 أغسطس 2012

الأخضر الإبراهيمي .............مهلة جديدة للقتل



افتتح الأخضر الإبراهيمي مهمته الجديدة بتراشق أعلامي بين أطراف النزاع في المهمة التي قبل أن يكون مبعوثا دوليا لها ، مهمة أقل ما يقال عنها أنها مهلة جديدة للقتل ، مهلة قد يظن فيها البعض أن عصابات الأسد ستستطيع كسر الثورة السورية وهو واهم ، لأن الثورة السورية مستمرة حتى بعد مضي 18 شهرا بإمكانياتها الذاتية رغم جميع وسائل القتل والتدمير والنهب والسلب والاغتصاب والتعذيب وكل وسائل الترهيب فجاءت النتائج بعكس ما يشتهي النظام ، حيث اشتدت عزيمة الثوار وقويت شوكتهم وازداد إصرارهم على إسقاط النظام بكافة رموزه وأشكاله.
ومنهم من يحتاج إلى هذه المهلة ، وهو يعرف بأنها ستفشل ، من أجل كسب الوقت لترتيب بيته الداخلي لأنه غير مستعد ،رغم كل هذه المجازر التي تحدث في سوريا، أن يقدم أي مساعدة جدية وفعالة لشعب بات يذبح بشكل يومي ، ولا أحد في هذا العالم يبدو أنه يكترث ،ولم تقدم هذه الدول غير الكلام لدعم هذه الثورة اليتيمة.
ومنهم من ينتظر ويتفرج حتى يتم تدمير سوريا عن بكرة أبيها ولا تقوم لها قائمة حتى الخمسين عاما القادمة ، يت
لذذون برؤية سوريا أرضاً وشعباً وحضارة وتاريخاً عريقاً ، تتدمر وتنهار حجر فوق حجر ، وأجمل شيء بالنسبة لهذا الفريق ، أنها تنهار بأيدي أبنائها ، ويتحقق لهم ما لا يمكن تحقيقه بأيديهم ، وبذلك يوافقون على مهل جديدة لتحقيق أهدافهم الغير معلنة ، واستمرار معاناة الشعب السوري ودمار نسيجه الاجتماعي وهو ما يثلج قلوبهم ويروي غليلهم.

لذلك على الشعب السوري أن يعيي جيداً مصيره بين أيدي هؤلاء جميعهم ، فلا أخضر ولا أحمر ولا أبيض ولا أسود ، يستطيع أن يحررهم مما هم فيه ، فاختلاف الرؤى يؤدي إلى إغلاق أبواب الحلول.
فالأمم المتحدة وأعضائها لا يريدون الاعتراف بأن ما يجري في سوريا هو ثورة شعبية محقة عادلة، هدفها الانتقال السلمي للسلطة للتحول إلى دولة ديمقراطية مدنية تعددية لجميع السوريين.
هذا التباين الحاد في الرؤى سيدخل أي مبادرة سياسية أو غير سياسية لحل الأزمة في سوريا بنفق نهايته مسدودة.
ليس من مصلحة أي طرف في هذا العالم أن تنتصر الثورة السورية وتحقق أهدافها ، على الشعب السوري أن يدرك هذه الحقيقية ، ولذلك على الثورة أن تصنع النصر بإمكانياتها الذاتية وأن لا تنتظر دعماً سوى من أبنائها.

عاشت سوريا ( غصب من عن الكل ) حرة أبية

السوري الثائر


الأخضر الإبراهيمي .............مهلة جديدة للقتل




افتتح الأخضر الإبراهيمي مهمته الجديدة بتراشق أعلامي بين أطراف النزاع في المهمة التي قبل أن يكون مبعوثا دوليا لها ، مهمة أقل ما يقال عنها أنها مهلة جديدة للقتل ، مهلة قد يظن فيها البعض أن عصابات الأسد ستستطيع كسر الثورة السورية وهو واهم ، لأن الثورة السورية مستمرة حتى بعد مضي 18 شهرا بإمكانياتها الذاتية رغم جميع وسائل القتل والتدمير والنهب والسلب والاغتصاب والتعذيب وكل وسائل الترهيب فجاءت النتائج بعكس ما يشتهي النظام ، حيث اشتدت عزيمة الثوار وقويت شوكتهم وازداد إصرارهم على إسقاط النظام بكافة رموزه وأشكاله.
ومنهم من يحتاج إلى هذه المهلة ، وهو يعرف بأنها ستفشل ، من أجل كسب الوقت لترتيب بيته الداخلي لأنه غير مستعد ،رغم كل هذه المجازر التي تحدث في سوريا، أن يقدم أي مساعدة جدية وفعالة لشعب بات يذبح بشكل يومي ، ولا أحد في هذا العالم يبدو أنه يكترث ،ولم تقدم هذه الدول غير الكلام لدعم هذه الثورة اليتيمة.
ومنهم من ينتظر ويتفرج حتى يتم تدمير سوريا عن بكرة أبيها ولا تقوم لها قائمة حتى الخمسين عاما القادمة ، يتلذذون برؤية سوريا أرضاً وشعباً وحضارة وتاريخاً عريقاً ، تتدمر وتنهار حجر فوق حجر ، وأجمل شيء بالنسبة لهذا الفريق ، أنها تنهار بأيدي أبنائها ، ويتحقق لهم ما لا يمكن تحقيقه بأيديهم ، وبذلك يوافقون على مهل جديدة لتحقيق أهدافهم الغير معلنة  ، واستمرار معاناة الشعب السوري ودمار نسيجه الاجتماعي وهو ما يثلج قلوبهم ويروي غليلهم.

لذلك على الشعب السوري أن يعيي جيداً مصيره بين أيدي هؤلاء جميعهم ، فلا أخضر ولا أحمر ولا أبيض ولا أسود ، يستطيع أن يحررهم مما هم فيه ، فاختلاف الرؤى يؤدي إلى إغلاق أبواب الحلول.
فالأمم المتحدة وأعضائها لا يريدون الاعتراف بأن ما يجري في سوريا هو ثورة شعبية محقة عادلة، هدفها الانتقال السلمي للسلطة للتحول إلى دولة ديمقراطية مدنية تعددية لجميع السوريين.
هذا التباين الحاد في الرؤى سيدخل أي مبادرة سياسية أو غير سياسية لحل الأزمة في سوريا بنفق نهايته مسدودة.
ليس من مصلحة أي طرف في هذا العالم أن تنتصر الثورة السورية وتحقق أهدافها ، على الشعب السوري أن يدرك هذه الحقيقية ، ولذلك على الثورة أن تصنع النصر بإمكانياتها الذاتية وأن لا تنتظر دعماً سوى من أبنائها.

عاشت سوريا ( غصب من عن الكل ) حرة أبية

السوري الثائر

السبت، 18 أغسطس 2012

من طفس إلى إعزاز .......... رجلة مواقف



من طفس إلى إعزاز .......... رحلة مواقف (1) رحلة انشقاق

همت على وجهي في سواد الليل أنا وبعض المنشقين عن آلة التدمير والقتل من اللواء 15 كتيبة الصواريخ التي ارتكبت مجزرة مروعة بحق مدينة انخل بتاريخ 8/8/2012 ، اتجهنا نحو الجنوب فمنهم من اتجه إلى جاسم ومنهم إلى الشيخ مسكين ولكن الخيار الأنسب بالنسبة لي هو إلى طفس حيث يقطن رفيق الدرب والسلاح " خليل"
وصلت إلى طفس حيث استقبلني حاجز للجيش الحر خضعت للتحقيق ،وعندما عرفوا أنني مجند منشق عن كتائب الأسد ،أخبرتهم أنني أقصد منزل صديقي في طفس الحرة حيث أرشدوني إليه.
عندما شاهدت خليل دمعت عيناي لأنني لم أشعر بالدفء منذ مدة طويلة منذ غادرت مدينة إعزاز في شمال حلب ، مدينتي الغالية.
كانت سعادة خليل لا توصف عندما شاهدني، استقبلني في منزله 3 أيام ولكن الشوق والحنين لحضن أمي ألزمني أن أطلب منه أن يساعدني في العودة لمدينتي المحررة.
وهنا بدأت رحلة لم أتخيل يوما بأنني سأمر بها في حياتي.
من طفس إلى إعزاز ........ ماذا اسميها ؟.......... هل أسميها رحلة من الثورة السورية ........... أم اسميها رحلة أبطال الجيش الحر ........أم اسميها رحلة مواقف.
ربما كان الاسم الأخير يعكس جزء مما جرى معي في تللك الرحلة ، لأنني سأركز على المواقف التي تعرضت لها أكثر من أي شيء آخر.
لقد بدى واضحا لي أن الجيش الحر بات يسيطر على أغلب المناطق الريفية في سوريا ويستطيع التنقل فيها بحرية .
هذا ما وجدته من خلال رحلتي التي استمرت سبعة أيام برفقة زميل الدرب والسلاح " خليل " الذي حولته الثورة إلى شخص غريب عني أجد نفسي أحيانا احتاج إلى الكثير من الشرح والتفسير لأغلب المواقف التي تعرضنا لها معاً في رحلتنا هذه.
لقد بدأت رحلتنا من مستودع مهجور حيث كانت شاحنة صغيرة بانتظارنا ، فاجئني خليل بالقول أنه علينا أن نركب تلك الشاحنة ونسلك طرقا زراعية وأن نتجنب الطرقات الرئيسة ، ولكن ما فاجئني أكثر هو حمولة الشاحنة التي كانت تذخر بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والذخائر وبعض القنابل اليدوية.
أتريد مني أن أركب معك مع كل هذه الذخائر والأسلحة؟!!!
"إذا كنت تريد الوصول إلى بيتك عليك أن تأتي معي" ، بتلك البساطة ومع ابتسامة خفيفة باردة ارتسمت على وجهه الذي بت لا أعرفه ،رغم كل تلك الذكريات والأيام والليالي الطويلة التي عشناها سويا في حلوها ومرها.
انطلقنا عبر القيافي سويا ، وكانت وجهتنا نحو ريف حمص إلى مدينة القصير تحديدا ، حيث كان ينتظرنا أحد قادة الكتائب التابعة للجيش الحر هناك.
استوقفنا حاجز قبل أن نصل إلى مقصدنا ويبدو أنه تابع لكتبية أخرى غير التي كنا نقصدها ، وطلبوا منا الترجل من الشاحنة ففعلنا، وقالوا لنا بأننا في ضيافتهم حتى يأتي قائدهم ليعرف منا بالضبط تفاصيل مقصدنا.
كانت هذه الكتيبة مؤلفة من عدد لا يستهان به من شباب ملتحين وغير ملتحين، سألت أحدهم من أين تأتون بالسلاح؟ فأجابني والانزعاج باد على وجهه : من أمثالكم .. وغادر مسرعا كأنه لا يريد أن يجيب عن أي سؤال آخر.
هنا التفت إلى صديقي مستوضحا..... فقال لي خليل : عليك أن لا تتكلم كثيرا هنا.
قلت له ماذا كان يعني ؟؟
قال لي : في المساء سأخبرك كل شيء ....اسكت الآن أرجوك
انتظرت حلول الظلام بفارغ الصبر كي يجيبني خليل عن تساؤلاتي، وتلقف لهفتي وأومأ برأسه بأنه سيتكلم كما وعدني، ( هذا خليل الذي عرفته من قبل ).
هؤلاء كتائب منفصلة عن الجيش الحر وغير تابعين له وقد أقاموا حواجز للتفتيش ، بتلك العبارة بدأ خليل قصته عن موقف من مواقف رحلتنا.

وللرحلة بقية

عاشت سوريا حرة أبية

السوري الثائر






من طفس إلى إعزاز .......... رحلة مواقف (2) إسلاميون ولكن!!

لم استطع النوم بسبب ما أخبرني به خليل عن هذه الكتائب التي استضافتنا ، أيقظته من نومه على عجل ... خليل ... خليل .......... هل ما أخبرتني به صحيح ، أدار وجهه عني منزعجا على ما يبدو مني لأنني أيقظته وقال لي : في الصباح سأثبت لك صحة كلامي.

لم يكن صوت الديك ليصحيني لأنني لم أنم بالأساس  ، ولم تكن لوجبة الإفطار الشهية التي أعدها لنا شباب الثورة ،كما سميتهم فيما بعد ، لتنسيني ما كنت أفكر به طول الليل ، وبدأ خليل الحديث قائلاً:
أخبروا صديقي كيف رمى بكم الزمان لتصبحوا على ما انتم عليه الآن.
انبرى أحدهم كان جالسا فاسند ظهره للحائط ، ماذا تريد أن تعرف ؟؟
كل شيء ... كيف شكلتم هذه الكتائب ولماذا سميتموها كتائب الرحمن ، لماذا لم تسموها كتائب نصرو نشيواتي مثلاً.
ضحك جميع الشباب على وقع شرب الشاي ، ونظروا إلي وقال قائلهم:
من سيسلح كتيبة بهذا الاسم ، ما رأيك لو سميناها كتيبة جورج حبش مثلاً ، وضحك الجميع ، ومن ثم قال آخر : أو ريما نسميها كتيبة رياض الترك ،أو إذا بدك منسميها كتيبة زكي الآرسوزي .
قال أحدهم ومن هو هذا الأرسوزي !!.......... قلت له لا عليك لا عليك أكمل رجاءً..
قال لي الأخير : يا أستاذ .... فضحك الجميع مرة أخرى لما سماني به ، فقلت له أنا لست أستاذ ، أنا رجل عادي من هذا الوطن ، حلمت مرة بأن أكون مواطنا وليس مجرد رقم.
ساد صمت للحظات في غرفة شقها ضوء الصباح متسللاً ببطء لعيوننا بحيث كاد يعميها.
قال أحدهم لنخرج إلى ساحة الدار نكمل حديثنا .
تموضعنا على شكل حلقة وبدأ خليل الحديث كالعادة متصدراً وأنا أنظر إليه وأقول هل هذا هو خليل الذي أعرفه ، استمر موجها كلامه لما يبدو قائد الكتيبة .
قل لصديقي ماذا كنت تعمل قبل الثورة .... نظر إلي طويلا ثم قال : لقد كنت اعمل بالتهريب بين لبنان وسوريا وكنت أهرب الدخان الأجنبي وكان عملا يدر علي أرباحا جيدة ، ثم ضحك وقال كل واحد منا هنا له قصة مختلفة عن الآخر ، مثلا أمامك أبو حيان كان من الدفعة الأولى المفرج عنها بالعفو الرئاسي بعد الثورة ، وأبو حمزة كان في الفرقة الحزبية لمدينة القصير .... استمر في الحديث قائلا يوجد منا مهربين ومنا محكومين سابقين ويوجد أيضا أستاذ مدرسة كان يدرس التربية الإسلامية هو الآن إمام الكتيبة ، وأردف قائلاً يوجد منا من لا يفارق الكاس ومنا من لا يفارق السبحة.
وأما عن سؤالك عن تسمية كتيبتنا بتسمية إسلامية فهو لضرورات التمويل ، فقد ظهر تنافس كبير بين الكتائب على التمويل ، فنحن بحاجة للسلاح والذخائر ولولاها لا نستطيع الاستمرار بالكفاح المسلح ، وجميع مصادر التمويل الموجودة على الساحة الآن هي مصادر تمويل إسلامية.
كان لحديث قائد الكتيبة وقعاً مفاجأ في قلبي ، ولقد انتبه خليل لذلك وحاول تغيير الموضوع قائلاً : نحن نشكر لكم ضيافتنا ولكن علينا أن ننهي مهمتنا.
فجاء صوت من بعيد كي يقول : عليكم أن تتركوا حصتنا أولا وهي 10% من حمولتكم، وبعد الكثير من المفاوضات وافق خليل على مضض مقابل جزء من قيمة الحمولة تم تسديدها له نقداً.
انطلقنا مباشرة إلى مقر أحد كتائب الفرقان في مدينة القصير ، التقينا شخص يقال له أبو أسعد وهو بطل من أبطال الجيش الحر ، وقام خليل باستعراض ما لديه من حمولة ، وشاهدت علامات عدم الارتياح على وجه أبو أسعد حيث طلب منا أن نستريح قليلا ريثما يجري اتصالاته.
قلت لخليل : ماذا يحدث ؟ أريد أن أعرف؟
لا شيء ..... لا شيء
بتلك الكلمات قرر خليل إنهاء الحديث فقررت أن أعرف بنفسي......
وللرحلة تتمة
عاشت سوريا حرة أبية

السوري الثائر


من طفس إلى إعزاز .......... رحلة مواقف (3) عرفت نفسي
اتجهت مباشرة إلى قاعة صغيرة كانت الكتيبة قد خصصتها للاجتماعات وقد كانت فارغة ، جلست فيها انتظر علني أشفي غليلي واعرف ماذا يحدث من حولي.
دخل رجلا أصلع ملتحي بلحية طويلة سلم عليّ وجلس بجانبي وابتسم قائلاً :
من وين الأبضاي ( كلمة أبضاي تقال للتحبب بين أفراد مجموعة ذكورية واحدة وتعني الرجل القوي المفتول العضلات).
قلت له أنني من إعزاز وأنني مجند منشق عن كتائب العصابة الأسدية .
وهنا برز موقف آخر من مواقف رحلتنا القصيرة.
فهل أنا فعلا مجند منشق؟!!!....... أم أنني فار من الخدمة .........أم أنني جبان خائف.
تصادمت الأفكار بذهني وسببت لي الإرباك ... إرباك لم استطع أن أخفيه تحول إلى كلمات دافقة خرجت مني لتفسير ما أنا فيه.
بادئ الأمر هالني ما حدث في انخل درعا من قتل وتدمير حيث شعرت أن الذي تدمر هو إنسانيتي ، رغم الكثير مما قاله قائد كتيبتنا عن أننا نهاجم مسلحين إرهابيين عملاء للكيان الصهيوني ( رغم أنه لم يستخدم هذه الكلمة واستعاض بغيرها) وعلينا تدميرهم وسحقهم وإبادتهم ، ولكن الذي حدث والذي رأيته أننا ( الجيش العربي السوري ) كنا نقوم بقتل النساء والأطفال ... الشيوخ والشباب ...... الجرحى والمرضى والمصابين .... وكل شيء يتحرك حتى الحيوانات لم تسلم من نيراننا الغادرة.
كل هذا وذاك دفعني ومجموعة من الشباب إلى الهرب ... نعم الهرب نحو إنسانيتنا قبل أن تبلعنا هوة الظلام الشيطانية وتحولنا إلى وحوش عبيد بيد طاغية القرن.
هربنا وفي ذهن كل واحد منا فكره عن هدف هروبه ، هل هو انشقاق أم فرار أم هو مجرد هروب مجرد من أي أهداف.
بالنسبة لي ظل الهدف غير واضح حتى سألني ذلك الشاب الجالس بقربي ...وأنت ماذا كان هدفك؟
قلت له ببساطة : لن أكذب عليك لأقول لك بأنني سأنضم للجيش الحر لأنال الشهادة أو أحقق النصر ، شهادة أدخل بها جنات النعيم فيها الحور العين ، أو نصر يكلل الغار فوق الجبين ويعطيني منصبا أو حظوة أو تقديرا للجميل.
لقد هربت ببساطة لأنني اشتقت لحضن أمي العجوز التي بكت وتبكي كل يوم منذ غادرت بيتنا الريفي المتواضع كي التحق بخدمة الوطن.
وطن بات غريبا علي منذ اندلاع الثورة السورية ، فلم يعد يعني لي مكان يجمعنني بإخوتي وجيراني وأهلي ، فقد اختلف معناه باختلاف أهله.
ابتسم جليسي وقال لي : لا عليك ، كلنا مررنا بتلك المرحلة مثلك ،وعانينا وتضاربت أفكارنا و تطاحنت ولكن بالنهاية ستجد طريقك بنفسك.
وجدت راحتي عبر كلماته ،ولكن لم تنسني هواجسي حول ما جرى ويجري بين خليل وبين أبو أسعد أحد قادة كتيبة الفرقان، مما دفعني لسؤال محدثي عما يجري ، لكي أعرف موقفا آخر من مواقف رحلتنا.
وللرحلة تتمة
عاشت سوريا حرة أبية
السوري الثائر


من طفس إلى إعزاز .......... رحلة مواقف (4) تاجر سلاح

تابعت حديثي مع جليسي وقلت له : ولكن أخبرني ما الذي أزعج أبو أسعد ؟؟
أجابني : ألا تعرف !!! ألست شريكاً لخليل ألم يخبرك ما حدث؟؟
لا ... لا ...أنا مجرد صديق ، لم يخبرني بشيء
إن صديقيك يريد زيادة الأسعار بشكل كبير ، ولم يلتزم بكلمته.
سعر ماذا ؟!!!
ألا تعرف !!! سعر شحنة الأسلحة والذخائر
ولكن أليست تلك الأسلحة لكم ؟؟
نعم إنها مخصصة لكتيبة الفرقان ، ولكن خليل يريد زيادة الأسعار.
لماذا ؟؟ أليس خليل ضمن الجيش الحر.
ضحك محدثي ومن ثم نظر إلي نافثا دخانه باتجاهي ، إنه تاجر سلاح ، هل تريدني أن اقتنع أنك لا تعلم بذلك!!!
خليــــــــــل!!!!!
إنك مخطأ بالتأكيد ، أنا اعرف خليل جيدا إنه مزارع بسيط كان معنا في الجيش ،ومن ثم تسرح قبلنا لأنه أنهى مدته ، وهو ليس له أي علاقة بهذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد ، أرجوك عن ماذا تتحدث ؟؟!!
لا...لا أنت المخطئ وليس أنا ، إننا نتعامل مع خليل منذ أكثر من ستة أشهر وأنا أوكد لك بأن خليل تاجر سلاح ماهر ولم يخلف معنا موعد من قبل وقد أمن لنا العديد من الشحنات سابقاً.
غادرت الغرفة مسرعا إلى خليل كي استوضح منه الأمر شخصياً، حاولت أن أجده ولم استطع ، فتشت جميع الغرف المحيطة في الدار التي كنا متواجدين فيها ولم أجده.
سألت عنه ليخبروني أنه خرج إلى البساتين المحيطة
ذهبت باتجاهه ، ووجدته مستلقيا تحت شجرة زيتون كبيرة
هل هذا صحيح !!
أجابني وكأنه علم عن ماذا أتحدث : نعم ....نعم أنا تاجر سلاح ، هذا صحيح.
ولكن .... ألست مع الثورة ... كيف تقوم بهذا العمل!!
إن لم أقم به أنا سيقوم به غيري ... ولماذا هذا الاستغراب ، إنني مع الثورة ، وبالعكس إنني في كثير من الأحيان أخاطر بحياتي من أجل أن أؤمن السلاح للكتائب والثوار.
ولكنك تتقاضى ثمن هذه التضحية ، أليس كذلك!!
وما العيب في ذلك ، إنني أيضا أخاطر بحياتي ، أليس من حقي أن استفيد أيضا.
الجميع هنا يستفيدون ، أليس كذلك.
ساد صمت رهيب ، وقطع صياح أبو أسعد من بعيد ليخبرننا بأنه وافق على الأسعار الجديدة وبأنه سيستلم الشحنة كاملة.
نفض خليل الغبار عنه وقال لي : علينا أن نكمل رحلتنا ، لا تفكر بالموضوع كثيراً .
وعند ساعات الفجر الأولى كنا على مشارف حماه ، لكي نكمل رحلتنا ونسجل موقفا مختلفا تماما من مواقفها.
وللرحلة تتمة
عاشت سوريا حرة أبية

السوري الثائر


من طفس إلى إعزاز .......... رحلة مواقف (5) إخاء وتعاون

وصلنا إلى حي الأربعين في حماه ، منذ ساعات الفجر الأولى ، أوقفنا حاجز تابع لأهل الحي ، وبعد أن عرفنا عن أنفسنا ، تم السماح لنا بالدخول إلى الحي .
اتجهنا مباشرة إلى مسجد الحي ، حيث أقيمت صلاة الفجر ، جلست وخليل بجانبي في المسجد ننتظر أذان الإقامة، وكان عدد المصلين يفوق الألف لدرجة أنني ظننت أنها صلاة الجمعة، لم أشعر بهذه الرعشة في جسمي من قبل ، فأنا لا اعتبر نفسي متدين ، صحيح أنني مسلم ، ولكنني أصلي في المناسبات وفي أيام الجمع وأصوم من باب العادة ولم أزكي في أبداً، لأنني لم امتلك نصاب الزكاة في حياتي ، ولا أعرف شيئا عن الحج ، ولكنني أعبد الله لا أشرك به أحداً ، وأشعر بغضب شديد في حال مست الذات الإلهية في أي حال من الأحوال.
إنني مسلم عادي وأجد معظم أقراني مثلي ، ولكنني في تلك اللحظات وفي ذلك المسجد شعرت بقوة غريبة تسري في جسدي ، إنها قوة الجماعة ، إنها قوة الإيمان.
وعندما بدأ الإمام بالدعاء على الظالم وأعوانه وكل من يناصره ، رفع الجميع أصواتهم بالبكاء والدعاء ، بكى جميع من كان بالمسجد ، حتى خليل لم يستطع كبت دموعه.
خرجنا من المسجد مع الإمام الذي أبى إلا أن يستضيفنا لديه على الإفطار ، فأجابه خليل بأنه ليس صائم ، ابتسم الإمام وقال له :" لا تثريب عليكم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين"
قام الإمام بجولته الصباحية المعتادة يتفقد أبناء الحي ويطلع على ما يحتاجونه ، هذه أم احمد تنتظره على باب الدار وتطلب منه بعض حاجياتها فيقوم بتكليف أحد اتباعه بهذه المهمة ويشرح لنا الوضع المأساوي الذي وصلت له حالة أهالي حي الأربعين بحماه ، وكيف استطاع أهالي الحي التكافل مع بعضهم ليسدوا رمق بعضهم البعض وكيف أن بعض المساعدات تأتيهم من جيرانهم في الحي المجاور الذي تقطنه أغلبية مسيحية ، وكيف يقوم شباب الحي بالتناوب على مهام محددة وبشكل منظم ومدروس .
مر الوقت سريعا ، وجاء آذان المغرب ، وكان إفطار شهيا مليئاً بالمحبة والإخاء والتفاني ، واستئذنا مضيفينا لنكمل رحلتنا لنهايتها.
لنسجل موقفا جديدا من مواقفها
وللرحلة تتمة
عاشت سوريا حرة أبية
السوري الثائر



من طفس إلى إعزاز .......... رحلة مواقف (6) يوم المجزة
وصلنا إلى مشارف مدينتي إعزاز بتاريخ 15/8/2012 في الساعة الواحدة والنصف تقريبا ، أحسست بأن قلبي سيخرج من مكانه.
لو أشعر بهذا الشعور من قبل ، سمعت الكثيرين يتكلمون عنه ، إنه شعور الحنين ، إنه الشوق للمكان الذي ولدت وترعرعت فيه ، إنه الحنين لخبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي ... أليس هذا ما قاله الشاعر الكبير .... محمود درويش.
وبعد أن وصلنا إلى مركز المدينة سمعنا أصوات انفجارات رهيبة صمت أذاننا، ترجلنا من السيارة ، وركضنا باتجاه الانفجارات وكان واضحاً أن طائرة حربية قصفت مركز مدينة إعزاز ، كانت هناك فوضى عارمة والجميع يركض في الشوارع ، رأينا نساء وأطفال يركضون باتجاهنا ، يصرخون علهم يجدون من يغيثهم.
التفت ولم أجد خليل معي ، تابعت مسيرتي باتجاه الانفجار ، في تلك اللحظات بالذات ، لم أعد أشعر بالزمن ، كأنه توقف ، لا زلت استعيد ذكريات تلك المشاهد تأتي من ذاكرتي كأنها شريط سينمائي أو بالأحرى كابوس لم استطيع أن استفيق منه حتى الآن.
صرخات الجرحى وآهات الأمهات ، دموع الأطفال ، وبكاء الرجال ، رأيت رؤوس تتدحرج على الأرض ، رأيت أشلاء غضة ، أيدي وأرجل وأجساد بدونها، شاهدت طفلا يتلفظ بأنفاسه الأخيرة تحت حطام غرفته ، نظر إلي نظرة مودع ، لم استطع أن أفعل له شيئاً ، حاولت جاهداً أن أرفع الحطام عن جسده الصغير، حتى فارقت روحه جسده الطاهر.
تناثرت دموعي واختلطت بركام منازل مدينتي الصغيرة ، تذكرت أمي ، هرعت لمنزلنا ولكنني لم استطع أن أجده ، لقد اختفى  ، نعم اختفى بكل معنى الكلمة ، لقد أضحى ركام مسجى على الأرض كأنه هشيم تذروه الرياح.
ركعت على الأرض ، أصرخ ، أبكي ، أقول ، يالله .....يالله
حتى لامست جبهتي قاع الأرض ، وما زلت ابحث بين أنقاض منزلنا الصغير علي أجد أحد من أهلي ، إخوتي الصغار ، أبي وأمي ، حتى سحبني جار لنا وقال لي : العوض بسلامتك....إنا لله وإنا إليه راجعون ، ضمني إلى صدره ، فشعرت بأن سوريا جميعها تواسيني.
وقفت على قدمي لأسمع صوت طائرة غادرة تقصف من جديد تجمعا من المدنيين كانوا يحاولون انتشال الجثث من تحت الأنقاض ، ليرتفع بذلك أعداد الشهداء لثمانين شهيدا ، وكان من بين هؤلاء صديق الدرب والسلاح ......خليل
لتنتهي الرحلة ......وتبدأ رحلة جديدة من كفاح الثورة السورية

عاشت سوريا حرة أبية

السوري الثائر